وجدت تونس خضراءً كما وعدتني.
يتسائل محمود درويش: وكيف نُشفى من حُب تونس؟
وحق التساؤل يا محمود. فتونس تغمرك بحبها دون أن تعلم أو تشعر.
والله أني في أخر أيامي انخرطت في الكينونة التونسية من دون أن أعي.
فمن أول ما أبدأ صباحي في المدينة العربية وتحديدًا عند نهج سيدي مفرج، يصبّح علي المارّة من عند الباب كما لو أني جارهم القاطن من سنين.
وأتمشى بين الدكاكين وقد صرت أسلم على كلٍ منهم باسمه. وكم من شاهيٍ وقهوةٍ شربتها معزومٌ عليها غير مجبول.
سرت في مسائي الأول باحثًا عن "فيش محوّل من ثلاثي إلى ثنائي" بحكم أن تونس ثنائية الكهرب، وقد نفدت الطاقة من معظم أجهزتي ووجدت الدكان الذي يبعد عني بضع خطوات، وهم زوجين كبيرين في السن يبيعان مواد غذائية، شكوت لهم مما عندي فما علما ما يصنعان بي. سألاني عن حيث أسكن، فأشرت لهم على أن هذا الباب هو مسكني، وذهبت. جوالي يكاد ينام، كما هو الحال مع باقي أجهزتي. وبعد ساعتي زمان، طُرق الباب، من؟ جارك، فتحت الباب وإذا بهما وبيديهما فيشٌ كهربائي محوّل وجداه عند أحد أبنائهم. وقالا لي، "ما نبغي تصبح بدون جوال يا ولدي، وإذا نقص عليك أي شيء هاك الباب حقنا"
ومثلًا عندما حضرت ديربي تونس بين الترجي والنادي الأفريقي ، وصلت عند الملعب قبيل المباراة بنصف ساعة تقريبًا! وتفاجئت بأن التذاكر نفدت من أسبوع قبل المباراة!، فقلت "يا أخوان أنا جاي من السعودية وودي أحضر المباراة ربي يعيشكم" قالوا المسؤولين لي "جاي من السعودية ومخلي كريستيانو وجاي تتابع الهبل هذولا؟! شبيك يا ولدي؟ وهم ضاحكين" فقلت نعم والله. تبادولا المكالمات ولأني من السعودية أتيت، أدخلوني للملعب وكان الترحيب بي وكأني أحد أعضاء الشرف لنادي الترجي، حتى قعدت على المقعد، كنت أرى السعادة في وجوههم دون مقدرتهم ولا حاجتهم لإخفائها، والذي بدوره بالطبع أنعكس على السعادة التي حظيت بها في هذه التجربة.
وفي كل يوم وفي كل مقهى ومأكلٌ ومكان، كنت أجد نفس المنوال على اختلاف الصيغة والغاية وعلى اشتراك الثقافة والعادات والأصالة.
فقلي بربك أين ستجد مواقفًا كهذه في مدنك الفارغة وفنادقك التعيسة يا صديقي. قلي.
*هههههه لالا أبدًا، أسكن وسافر حيث شئت، مجرد دعابة.
תגובות